شاعر الثورة الجزائرية : مفدي زكرياء
الاسم: زكرياء بن سليمان بن يحي بن الشيخ سليمان، ولقب أسرته آل الشيخ.
ولد سنة 1908م. ببلدة بني يزجن، ولاية غرداية جنوب الجزائر. لقبَّه زميل دراسته سليمان بو جناح بـ "مُفدي" فأصبح لقبه الأدبي الذي اشتهر به.
بدأ مفدي زكرياء مساره في مسقط رأسه متعلما بكتّاب البلدة، حيث حفظ جزاء من القرآن ومبادئ العربية والفقه، ثم اصطحبه والده معه وهو ابن سبع سنين إلى مدينة عنابة شمال شرق الجزائر التي كان تاجرا بها، وفيها أتم حفظ القرآن، ثم جعل يتردد بينها وبين مسقط رأسه ولم تنتظم دراسته، حتى سنة 1922 إذ قرر والده إرساله إلى تونس، فالتحق بمدرسة السلام القرآنية، وبعد سنتين انتقل إلى المدرسة الخلدونية، ثم تحول إلى جامع الزيتونة، وأخذ عن علمائها دروس اللغة والبلاغة والأصول، وكان خلال ذلك طالبا ذكيا نجيبا، برزت مواهبه الشعرية مبكرا، وشغف بندوات الشعر والأدب التي كان يعقدها الأديب العربي الكبادي. كما كان يتلقف ما يصل إلى تونس من مجلات شرقية تبعث النخوة والوطنية فيتشربها ويتخذ مواضيعها مجالا للتدرب على الإنشاء والكتابة. نثرا وشعرا. وكان يعرض شعره على أساتذته في البعثة العلمية الميزابية بتونس لتقويمه، حتى انقاد له القريض.
وتعد فترة مكوثه بتونس مرحلة التكوين الأصيل التي وجهته التوجيه الأدبي والسياسي بعد ذلك.
وكان للبيئة الإسلامية الأصيلة التي نشأها ولمصادر ثقافته الدينية ولما عاينه من استبداد الاستعمار الفرنسي أكبر الأثر في تشكيل شخصيته الشعرية والمتحدية التي طبعت إنتاجه الأدبي.
ثم رجع من تونس إلى الجزائر، وتوجه للعمل التجاري ولكنه لم ينقطع عن مجال الفكر والأدب، وإن لم يكتب له النجاح في المجال التجاري رغم تقلبه في أنواع من النشاط وانطلاقه في مشاريع عديدة كان نصيبه فيها الفشل.
وكان من رواد الحركة الوطنية التي تبنت مبدأ الاستقلال، مثل حزب نجم شمال افريقية وحزب الشعب، وقد نظم فيها شعرا وطنيا صادقا، كما كان مؤيدا لجهود جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ولكنه آثر الانضمام إلى الحركات الوطنية الأخرى، حتى جاءت الثورة فكان سباقا إلى رحابها فارتمى فيها ولقي في سبيلها ألوان العذاب، وسجنته السلطات الاستعمارية خمس مرات، دامت في مجموعها عدة سنوات .
وكان ضمير ثورة التحرير الحي ورائد قافلتها، يردد الوطنيون أشعاره في ساحات المعارك، وعلى أعواد المشانق، حتى بزغ فجر الحرية، فاستقر بالجزائر في نشاط وفتح مكتبا للتمثيل التجاري، ولكنه كان عاثر الحظ في هذا المجال، ولم تسعفه الظروف للاستقرار، فتوجه إلى تونس سنة 1963 ومكث بها إلى سنة 1969 حيث يمم شطر المغرب واستقر بالدار البيضاء وفتح مدرسة للتعليم الثانوي، وفتح خطا لنقل البضائع.
وظل يجمع كما دأب طول حياته بين أعماله التجارية والإدارية وإبداعاته الأدبية، وتردد كثيرا بين أقطار المغرب العربي مشاركا في تظاهراته ونشاطاته الثقافية والسياسية، وشارك بشعره ومناقشاته في جل ملتقيات الفكر الإسلامي بالجزائر .
هو صاحب الأناشيد الوطنيّة: النشيد الوطنيّ الجزائريّ، نشيد الانطلاقة الأولى "فداء الجزائر"، نشيد العلم الجزائريّ، نشيد الشهداء، نشيد جيش التحرير الوطنيّ، نشيد الاتّحاد العامّ للعمّال الجزائريّين، نشيد اتّحاد الطلاّب الجزائريّين، نشيد المرأة الجزائريّة، نشيد بربروس؛ بالإضافة إلى نشيد مؤتمر المصير بتونس و نشيد اتّحاد النساء التونسيّ و نشيد معركة بنزرت التاريخيّة؛ فضلا عن نشيد الجلاء عن المغرب، و نشيد الجيش المغربي، وغيرها من الأناشيد.
وختم حياته برائعته الخالدة "إلياذة الجزائر" جمع فيها ما تفرق في غيرها، وأبرز فيها لوح الجمال ولوح الجلال، جمال الطبيعة الساحر، وجلال التاريخ الزاخر.
وكانت وفاته يوم الأربعاء 02 رمضان 1397هـ الموافق 17 أوت 1977م بتونس وعمره تسعة وستون عاما ونقل جثمانه إلى الجزائر ودفن بمسقط رأسه في بني يزقن - ولاية غرداية.