تخيّلوا معي بيل غيتس رئيساً لأحد أندية الكرة في العالم، وليس بليونيراً استثمر طويلاً في المايكروسوفت، وصار يحلم بحياة هادئة تماماً في جزيرة لم تطأها قدما بشر... ماذا يقول في العام الجديد؟ من دون شك سيقول: «اللهم، اجعل لي في كل خطوة لتوسيع شركتي فعالية كاكا، وسرعة رونالدو، وذكاء ميسي، وهدوء إنييستا، وقوة بويول، وشعبية عنتر يحيى... اللهم امنح عبدك الضعيف ما يتهيأ في هذا العام من ألقاب وكؤوس وشيكات وفلوس، واجعل مكسبي مع الريال (الاسباني) لا يتعارض مع مكسبي من الريال (السعودي) فكلاهما... سوفت».
وتخيّلوا معي جوزيف بلاتر رئيساً لمنتدى حول البيئة والمناخ في كوبنهاغن، يرى ملاعب العالم بعينين ملؤهما السواد، وروح يطغى عليها التشاؤم، وفي يده اليمنى ناقوس يدق به صباح مساء معلناً أن العالم سيواجه كوارث إن لم يسارع بحل المشكلات البيئية، ومن دون شك سيقول: «ليت العالم مباراة كرة لا يسودها العنف إلا قليلاً، ولا تعرف الغش إلا في حالات إيطالية وألمانية وتايلاندية وعربية، وأن الاحتباس الحراري مرده فشل كثير من البلدان في وضع قوانين صارمة لنظام الاحتراف، وأن الحد من انبعاث الغازات يعود إلى كون اتحادات الكرة مشكوكاً في شرعيتها، وأن التصحر والجفاف سببهما انتشار الفساد في الاندية التي حولت الملاعب إلى أسواق تشتري بالجملة ولا تبيع بالمفرق، وأن كأس العالم للأمم والقارات والقاعات والشواطئ والأندية والأولمبياد الصيفي والشتوي هي التي أدت إلى زيادة نسب التلوث، لأن قلق الناس يزيد ومعه تستهلك ملايين السجائر وما شابهها من مواد ممنوعة غير معلنة، وبالتالي لا تعتقدون أن الجلد المنفوخ الذي تجرون وراءه يملأ بطنه هواء نقي، بل هو أوكسجين سام، والله ينجينا من الآت».
وتخيّلوا معي ليونيل ميسى محللاً سياسياً في قناة غير عربية، كيف ينظر إلى العالم في العام الجديد؟ من دون شك سيقول بهذا الشأن «سيكون كسابقه، من الألقاب التي سينالها ولو على حساب أزمة النووي الإيراني، والغاز الأوكراني، وأنفلونزا الحيوانات المنقرضة. تلك حتمية المبدأ الذي أسس له لابورتا ونفذه غوارديولا، لأن الأزمة التي يمر بها العالم بعد الرهن العقاري سببها الاستثمار السيئ لبعض الأندية في لاعبين غير منتجين، وأتحفّظ على ذكر بعض الأسماء، والذين اعتقدوا أن يد تيري هنري هي السبب في تأهل فرنسا، عليهم أن يذكروا أن رأسية زيدان هي التي كانت سبباً في خروج الديكة من نهائي المونديال، وبين اليد والرأس لا توجد مسافة، لأن الفعل لليد والتفكير للرأس، وقد يحدث العكس إذا تعلق الأمر بلاعب يجري في عروقه دم عربي، الرأس للتفكير والفعل معاً، أما اليد فلها مآرب أخرى...». وعندما يسأل ميسي عما إذا كان متفائلاً أو متشائماً من العام الجديد، يجيب بابتسامة خبيثة مراوغاً: «إذا قلت إنني متفائل، قد تنزعج قبيلة الريال، وإذا قلت إنني متشائم قد لا يعجب كلامي عشيرة البارصا، وبالتالي فإنني كما يقول العرب إنني متشائل... أو متفائم، والعهدة على الشيخ كارلوس منعم...».
وكل عام وأنتم بخير.
*نقلاً عن صحيفة "الحياة" اللندنية